السيدة الشمالي، متطوعة في منتدى شارك الشبابي، وهي منظمة غير حكومية محلية في غزة التي مزقتها الحرب، نزحت حاليًا للمرة التاسعة وتعيش في مخيم لاجئين مزدحم بينما يدخل الصراع مع إسرائيل شهره العاشر.
قبل اندلاع العنف الأخير، كانت تدير شركتها الخاصة للإعلام والتصميم الجرافيكي، حيث صقلت مهارات القيادة التي تدرسها الآن لمئات من مواطنيها في غزة.
وقالت "لقد كان هدفي هو تخفيف معاناة المواطنين في غزة".
"الشباب يجسدون روح وطاقة بلدنا"
وأوضحت قائلة: "أريد أن أظهر للعالم أنه لا توجد ظروف يمكنها أن تطفئ شريان الأمل لشبابنا".
وتقدم السيدة الشمالي وزملاؤها الدعم العملي، بدءًا من البرامج التعليمية وحتى توزيع المياه النظيفة في مخيمات النازحين وتنمية روح التضامن بين شباب غزة.
ووصفت تجربتها كمتطوعة بأنها "تحويلية"، موضحة أنها ساعدتها على التعامل مع الأزمات، وعززت قدرتها على الصمود وأكدت إيمانها بإمكانيات الأجيال القادمة "لأن الشباب يجسدون روح وطاقة بلدنا".
محفزات التغيير
يبلغ عدد النازحين في غزة حالياً نحو 1.9 مليون شخص، وقد نزح الكثير منهم بالفعل عدة مرات. ويعيش معظمهم في ملاجئ مؤقتة وغير آمنة وغير صحية، مما يزيد بشكل كبير من تعرضهم للأمراض والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ولكن مع ندرة الوصول حتى إلى الرعاية الصحية الأساسية.
برنامج للشباب تم إطلاقه في ديسمبر 2023 بدعم من وكالة الأمم المتحدة للصحة الجنسية والإنجابية، الصندوقوقد نجح البرنامج حتى الآن في إشراك ما يقرب من 1,000 متطوع لمساعدة أكثر من 90,000 ألف شاب في جميع أنحاء غزة.
مليون طفل في غزة يحتاجون الآن إلى الدعم النفسي.
بتمويل من مؤسسة التعليم فوق الجميع، تقدم المبادرة خدمات الاستشارة النفسية وأنشطة تخفيف التوتر والدعم لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي والإمدادات الأساسية والنصائح خلال الحملات الصحية العامة.
إن مثل هذه الجهود ضرورية ليس فقط لتلبية الاحتياجات النفسية الاجتماعية الفورية للشباب، بل وأيضاً لتزويد الشباب المتضررين من الصراع والصدمات بالمهارات اللازمة لإعادة بناء مستقبل أكثر سلاماً. وتُظهِر الدراسات من بيئات الصراع وما بعد الصراع أن برامج الدعم التي يقودها الأقران والناجون يمكن أن تعمل على تحسين صحة ورفاهية النساء والشباب المعرضين للعنف بشكل كبير.
وأضافت الشمالي أن الاستثمار الأكثر قيمة يكمن في تمكين الشباب باعتبارهم أصحاب أفكارهم ومبادراتهم ومشاريعهم، حيث يمكنهم إيجاد الحلول لتحديات المجتمع باعتبارهم قادة ومبتكرين ومستقبلنا.
كما قام المتطوعون بتوزيع النظافة الأساسية أثناء الدورة الشهرية واللوازم الصحية للنساء والفتيات، وإعادة بناء الفصول الدراسية وتركيب الحمامات والألواح الشمسية في مخيمات النازحين.
مرونة الشباب في ظل الحرب في غزة
"يعيش الأطفال ما عانيته في شبابي من ألم وحصار وحرب"، يقول أحمد حلبي. "لا ينبغي لأي طفل أن يعاني مثل هذا".
السيد حلبي، 26 عامًا، ولد ونشأ في مدينة غزة وهو الآن متطوع في منظمة غير حكومية محلية وشريكة لصندوق الأمم المتحدة للسكان، جمعية إنقاذ مستقبل الشباب. وهو يوجه تجربته في طفولته التي عاشها تحت الاحتلال الإسرائيلي إلى تصميم مبادرات يقودها الشباب والتي توفر الدعم النفسي في المقام الأول للأطفال والمراهقين والنساء.
إن الخدمات النفسية تشكل أهمية بالغة في غزة، حيث يحتاج مليون طفل الآن إلى هذا الدعم. وتتزايد التقارير عن العنف القائم على النوع الاجتماعي في مدينة غزة والشمال مع توقف الخدمات وإجبار الموظفين على الفرار من الهجمات المستمرة وانعدام الأمن.
وتشجع إحدى المبادرات الشباب والشابات على الاضطلاع بأدوار إيجابية في أسرهم والحد من التوتر والغضب من خلال ممارسة رياضات مثل كرة القدم. كما يتنكر الأطباء في هيئة مهرجين لزيارة الأطفال وتقديم الإسعافات الأولية لهم، في حين تقوم المنظمات غير الحكومية المحلية مثل صندوق التبرعات وفوانيس العيد بتوزيع الهدايا والفوانيس بمناسبة العيد، وهو التزام باستعادة بعض الشعور بالحياة الطبيعية وسط فوضى الحرب.
وقال "رأينا السعادة بين الأطفال، والضحك وكأن شرارة الأمل عادت إلى أعينهم، وكان الآباء أيضًا يراقبون أطفالهم بابتسامة وفرح".
ما بدأ بعشرة متطوعين يساعدون خمسين طفلاً توسع الآن ليشمل أربعين متطوعاً ليصل عددهم إلى أكثر من 10 طفل.
مساحة آمنة للمستقبل
وتظل هناك تحديات استثنائية، وهي نقص الوقود، وتكاليف الإيجار والتشغيل الباهظة، والنقص الحاد في الإمدادات.
وللمساعدة في سد هذه الفجوات، يدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان ستة أماكن آمنة في مخيمات النازحين في مدينة غزة وشمال غزة، والتي توفر الدعم النفسي والاجتماعي والرعاية الصحية الجنسية والإنجابية، والإحالات إلى الخدمات القانونية ومستلزمات النظافة الأساسية. ويشارك المتطوعون الشباب في هذه الأماكن الشباب الآخرين في الفنون والحرف اليدوية والرياضة والغناء والمسرح والألعاب.
وعلى الرغم من معاناتهم من معاناة عائلاتهم وأصدقائهم وزملاءهم في غزة، فإن أولئك الذين يعملون في هذه الأدوار يواصلون عملهم بلا كلل أو ملل.
وقال الحلبي: "إذا سألتني عن أكبر مكاسبي من هذا العمل التطوعي، فسأقول كل ما تمكنت من تقديمه للأطفال النازحين في مدينتي".