في عالم اليوم، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من مجرد وسيلة للترفيه، بل أصبحت جزءًا من روتيننا اليومي. وتعد منصات مثل إنستغرام وتيك توك بالتواصل والإلهام وحتى الفرص. ولكن تحت السطح، تخلق هذه المنصات حلقة مفرغة من التشتيت وإهدار الوقت والمعلومات المضللة التي تبقي الناس منخرطين لأسباب خاطئة.
التمرير اللانهائي: كيف تضيع ساعات دون أن تدرك ذلك
هل سبق لك أن فتحت Instagram هل تتصفح الإنترنت أو تستخدم تطبيق TikTok لإجراء فحص سريع، ثم تنظر إلى الشاشة لتكتشف أن ساعة قد اختفت؟ أنت لست وحدك. صُممت هذه المنصات لإبقائك منشغلاً بتدفق لا نهائي من المحتوى، مما يجعل من الصعب عليك الابتعاد. لا تكمن المشكلة في الوقت الضائع فحسب، بل في ما كان من الممكن إنفاقه في ذلك الوقت - النمو الشخصي، أو المحادثات الهادفة، أو تعلم مهارات جديدة، أو ببساطة الاستمتاع بالعالم الحقيقي.
إن أعظم حيلة تستخدمها وسائل التواصل الاجتماعي هي إقناع المستخدمين بأنهم يشاركون في شيء ذي قيمة، في حين أن أغلب المحتوى في الواقع مكرر وسطحي ولا يقدم سوى القليل من المضمون. وما يبدأ كوسيلة غير ضارة للاسترخاء يتحول بسرعة إلى روتين فارغ من مشاهدة مقاطع الفيديو تلو الأخرى، دون أي فائدة حقيقية.
وهم الإنتاجية والتواصل
يزعم كل من إنستغرام وتيك توك أنهما يربطان بين الناس، ولكن هل هذا صحيح حقًا؟ في حين قد تشعر وكأنك تحافظ على اتصال مع الأصدقاء أو تواكب الاتجاهات، فإن معظم التفاعلات على هذه المنصات سطحية. لا يحل الإعجاب أو التعليق أو الرسالة السريعة محل المحادثات الحقيقية أو الصداقات العميقة أو التفاعلات الاجتماعية ذات المغزى.
كما يقع العديد من المستخدمين في فخ الاعتقاد بأنهم منتجون ــ من خلال مشاهدة مقاطع فيديو عن النجاح أو اللياقة البدنية أو الأعمال التجارية. ولكن من دون اتخاذ أي إجراء، يصبح استهلاك المحتوى التحفيزي نشاطاً سلبياً. ومشاهدة شخص آخر يحقق أهدافه لا يقربك بأي حال من الأحوال من أهدافك.
انتشار المعلومات المضللة: تصديق ما ليس صحيحًا
وإلى جانب إضاعة الوقت، تواجه هذه المنصات مشكلة خطيرة تتمثل في نشر معلومات كاذبة أو مضللة. فمن الاحتيال المالي إلى النصائح الصحية المزيفة والتحديات الخطيرة، تنتشر المعلومات المضللة في كل مكان. وكثيراً ما ينشر المؤثرون والاتجاهات الفيروسية ادعاءات مضللة دون التحقق من صحتها، وقبل فترة طويلة يقبل ملايين الأشخاص هذه الأكاذيب على أنها حقائق.
ولنتأمل على سبيل المثال صعود "خبراء" الاستثمار على إنستغرام أو تيك توك الذين يعدون بالثراء السريع من خلال استراتيجيات سرية. فقد خسر العديد من المستخدمين أموالهم بعد اتباع نصائح غير موثوقة من أفراد غير مؤهلين يهتمون بالآراء أكثر من تقديم معلومات دقيقة. ويحدث نفس الشيء في المناقشات المتعلقة بالجمال واللياقة البدنية وحتى التاريخية ــ حيث تنتشر ادعاءات مبالغ فيها أو كاذبة تماما لمجرد أنها مسلية أو صادمة.
العواقب الاجتماعية: الإضرار بتقدير الذات وتشجيع المقارنة
ولعل الخطر الأكثر تجاهلاً في وسائل التواصل الاجتماعي هو تأثيرها على تصور الذات. ويشتهر موقع إنستغرام على وجه الخصوص بترويج أنماط حياة غير واقعية. فالصور المحررة بعناية، واللحظات المصطنعة، وقصص النجاح المبالغ فيها تخلق شعوراً مشوهاً بالواقع. ويقارن المستخدمون حياتهم اليومية بمقاطع فيديو قصيرة لشخص آخر، مما يؤدي إلى توتر غير ضروري وعدم رضا.
كما يدفع تطبيق تيك توك، مع اتجاهاته الفيروسية السريعة، إلى توقعات غير واقعية. يشعر الناس بالضغط للمشاركة في التحديات، أو الظهور بمظهر معين، أو التأقلم مع أي شيء يحظى بشعبية حاليًا. هذا التعرض المستمر للكمال المختار يجعل الناس يشعرون بأنهم لا يفعلون ما يكفي، أو لا يحققون ما يكفي، أو ليسوا جيدين بما يكفي - بينما في الواقع، يقارنون أنفسهم بشيء غير حقيقي.
استعادة السيطرة: كيفية التحرر من الفخ
إذن، ما الذي يمكن فعله؟ الخطوة الأولى هي الوعي. تعرّف على مقدار الوقت الذي تقضيه بالفعل على هذه المنصات وتساءل عما إذا كان ذلك يضيف قيمة حقيقية إلى حياتك. هل تتعلم؟ هل تنمو؟ هل تقيم علاقات ذات مغزى؟ إذا كانت الإجابة لا، فقد حان الوقت لوضع الحدود.
- الحد من وقتك – حدد حدودًا زمنية محددة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. تحتوي العديد من الهواتف الآن على ميزات تتبع مدمجة لمساعدتك في مراقبة استخدامك.
- كن متعمدًا – بدلاً من التمرير بلا هدف، حدد ما تريد القيام به قبل فتح التطبيق. هل تريد التحقق من أحوال صديق؟ هل تبحث عن أخبار معينة؟ بمجرد إكمال هذه المهمة، قم بتسجيل الخروج.
- التحقق من المعلومات – لا تصدق كل ما تراه. إذا بدا لك شيء جيدًا للغاية لدرجة يصعب تصديقها، فمن المحتمل أنه كذلك. خذ الوقت الكافي للتحقق من صحة المعلومات قبل مشاركتها أو التصرف بناءً عليها.
- المشاركة بشكل أكبر في العالم الحقيقي - إعطاء الأولوية للتفاعلات وجهاً لوجه، والهوايات، والأنشطة التي تجلب الفرح الحقيقي والرضا.
إن وسائل التواصل الاجتماعي ليست سيئة بطبيعتها، ولكن عندما تستخدم دون قصد، فإنها تتحول بسرعة إلى فخ ــ فخ يهدر الوقت، ويشوه الواقع، ويقلل من قيمة التجارب في العالم الحقيقي. والاختيار متروك لك: هل ستظل خاضعاً لسيطرة تصفح لا نهاية له، أم ستستعيد وقتك وتركز على ما يهم حقاً؟